تُعد الجدارات القيادية من السمات الجوهرية لإدارة الأعمال والنمو المؤسسي، وهي أمر ينطوي على القدرة على قيادة فريق لتحقيق هدف محدد. تُدرِّب برامج تطوير المهارات القيادية الموظفين على المهارات المطلوبة للترقي في المناصب الإدارية، إلا أن هذه البرامج عادةً ما تخفق لسبب أو لآخر. فلما هذا؟ 

يُعد إطار الجدارات لأي خبير موارد بشرية الطريقة المثلى لتحقيق نتائج فعالة من أي برنامج لتطوير المهارات القيادية. نُلقي في هذه المقالة الضوء على عمل إطار الجدارات وسبب كونه أداة ناجعة في إطار أنشطة الموارد البشرية الناجحة. 

ما هو إطار الجدارات؟ 

يصف إطار الجدارات نموذجًا أو هيكلًا يستخدمه خبراء الموارد البشرية وقادة المؤسسة الآخرون لتحديد المهارات التي يحتاجها الموظفون للاضطلاع بأدوار بعينها، وتحليل هذه المهارات ووضع خطة بشأنها. بعبارة أخرى، يقوم هذا الإطار مقام قائمة مراجعة تُستخدم لتأكيد أن بوسع الموظف تقديم أداء جيد مستدام في الوظيفة المنشودة. 

تساعد أُطر الجدارات خبراء الموارد البشرية المعنيين بتدريب بالموظفين وعمليات التوظيف ومراجعة الأداء، كما تتيح للمؤسسات تنسيق استراتيجيات أعمالها العامة واكتساب المزيد من الوضوح بشأن السلوك المرغوب لمختلف المستويات والمناصب. 

تصميم إطار جدارات لخبراء الموارد البشرية الناجحين 

يعتمد أي إطار جدارات على أهداف المؤسسة، وقيمها، وغاياتها، ومتطلبات الوظيفة، والمستوى الوظيفي، أي أن إطار جدارات مدير في شركة متعددة الجنسيات يختلف جوهريًا عنه في مؤسسة تجارية صغيرة. 

لذا، يجب على كل مؤسسة وضع تعريفها الخاص لإطار الجدارات، إلا أن أي إطار من هذا القبيل يجب أن يشتمل على العناصر التالية: 

1. الموائمة مع أهداف الشركة وغاياتها 

تُعتبر أهداف الشركة وقيمها المبادئ والمعتقدات المشتركة التي تُوحِّدها وتدفعها إلى اتخاذ القرارات الصائبة. وعليه، يجب أن يكتسب خبراء الموارد البشرية فهمًا واضحًا لوضع الشركة الحالي، ونضج مهارات الموظفين القيادية الحالية، ومستقبل الشركة مع عرض هذا الفهم ونشره في إطار عملية تسهم في تحديد ثغرات القدرات وتوفر بيانات دقيقة من شأنها توجيه اختيار جدارات المهارات القيادية اللازمة لتطوير الموظفين

قد تشمل بعض هذه القيم احترام التنوُّع، والنزاهة، والالتزام، والصدق، والمهنية. يمكنك تحقيق ذلك من خلال الانخراط في حوارات مع الموظفين بشكل فردي وجماعي أو البحث عن فرص للملاحظة وجمع البيانات الضرورية. 

2. الجدارات الأساسية 

تعني الجدارات الأساسية مجموعة المهارات العامة التي تشترك فيها أدوار متعددة داخل المؤسسة. قد يشير إليها البعض على أنها جدارات سلوكية تصف مواقف يمكن ملاحظتها وترتبط بالأداء الوظيفي الفعَّال وتوضح كيفية استخدام كل فرد لمعرفته في وظائف بعينها. 

وتشمل الأمثلة الشائعة على هذه الجدارات مهارات التواصل، والاستماع الفعَّال، وتقديم الملاحظات وتلقيها، وروح الفريق، والمساءلة، وتبادل المعارف، والتخطيط والتنظيم، وكلها جدارات يمكن استخدامها في مناصب مختلفة داخل أي مؤسسة، وبالتالي تمثل عنصرًا لا غنى عنه في أي إطار جدارات. 

3. الجدارات الفنية 

تصف الكفاءات الفنية المعرفة والمهارات الخاصة بفئات وظيفية محددة .قد تكون إدارية بحتة، مثل صنع القرار، وقيادة التغيير وإدارته، وصياغة ثقافة الفريق، وبناء الشراكات والحفاظ عليها، وقيادة الآخرين، وتحفيزهم، وتمكينهم أو قد تكون فنية مثل محو الأمية الرقمية، أو براعة الأعمال، أو القدرة على قراءة البيانات المعقدة، وإنشاءها، واستخدامها، ومعالجتها، وإيصالها. 

كيف تنشئ إطار جدارات فعَّال؟ 

1. جمع البيانات ودمجها 

تُعد هذه المرحلة، التي تُجمع فيها بيانات الموظفين، والفرق، والقادة الحاليين والمحتملين، وأهداف الشركة، الخطوة الأهم لضمان تحقيق نتائج دقيقة بعد دمج هذه البيانات وتحليلها لتحديد الثغرات الموجودة في جدارات الموظفين. 

2. وضع الاستراتيجيات 

تتضمن هذه المرحلة مؤشرًا واضحًا على موقع الموظفين الحالي والمنشود وتحدد سُبل سد ثغرات الكفاءة التي حددتها المرحلة السابقة، إما من خلال التدريب أو توظيف مواهب جديدة. بعبارة أخرى، تشهد هذه المرحلة من مراحل برامج تطوير المهارات القيادية تحديد جميع جدارات المهارات القيادية التي يحتاجها قادة المستقبل. 

3. تعيين الحد الأدنى من المتطلبات

يعني هذا تحديد أقل مستوى مقبول من الأداء لأي جدارة للمساهمة في توجيه مسار العمل، الذي يلي أي برنامج أو نشاط مصمم لتحسين أي جدارة. 

4. تحديد نتائج الأعمال المرغوبة 

يُعد تطوير أي إطار جدارات بمنزلة عملية وليس أمرًا يحدث مرة واحدة، ما يعني أن نجاحه يكمن في النتائج القائمة على أهداف العمل. وإذا لم تتحقق إنجازات ملحوظة في نهاية تنفيذ النسخة الأولى من إطار الجدارات، يجب عندها تعديل إطار الجدارات وتحسينه. يقودنا هذا إلى الخطوة الأخيرة. 

5. التقييم والمراجعة 

تمثل هذه الخطوة الأخيرة في تصميم أي إطار جدارات. ونظرًا لتحديد معايير الأداء عبر المؤسسة، فمن السهل قياس النتائج وتسجيل مدى فعالية إطارك. يجب إجراء التقييم والمراجعة مرة واحدة سنويًا على الأقل لمواكبة تغييرات وتوجهات المجال. 

فوائد إطار الجدارات 

يؤثر إطار الجدارات على المؤسسات، وخبراء الموارد البشرية، وقادة الشركات أو مديريها، وموظفيها وتتمثل بعض فوائده فيما يلي: 

1. يحُسِّن كفاءة خبراء الموارد البشرية

يضطلع خبراء الموارد البشرية بتوظيف مواهب جديدة، ومراجعة الأداء، وتصميم برامج تدريبية للموظفين وتطويرهم. ويتمثل النهج الأمثل للقيام بهذا في استخدام المعارف والموارد العامة لصياغة الأوصاف الوظيفية، وتقييم مهارات الموظفين أثناء مراجعات الأداء، ودمج التدريب. وتتجلى عدم كفاءة هذه الأساليب عندما تكافح الشركة لتحقيق أهدافها، وتحتاج باستمرار إلى موظفين جُدد وتدريبًا لسد الثغرات، وهي أمور تعيق تقدمها ونموها. 

ومع ذلك، فإن أي إطار جدارات مصمم بدقة يُبسِّط هذه العمليات لخبراء الموارد البشرية، ويزيد معدلات نجاح مشاريع الموارد البشرية، ويُحسِّن الجدارات من خلال مساعدتهم على تحديد المهارات والاحتياجات التدريبية المناسبة والتوصية بأفضل برامج التدريب والتطوير. 

2. يرفع معنويات الموظفين 

يزيد استخدام إطار الجدارات في برامج تطوير المهارات القيادية فرص النجاح القابل للقياس بناءً على أهداف التطوير الشخصي والتنظيمي، أي أنه يُسهِّل التفكير في المهارات الأساسية المكتسبة أو المطورَّة في البرنامج، ما يزيد بدوره من إنتاجية الموظفين والدافع العام لتحقيق أهداف الشركة. 

كما يساعد إطار الجدارات في تحديد أصحاب أفضل أداء، ومكافأتهم، والاحتفاظ بالمواهب المناسبة. وتُعد المكافآت والإحساس بالاستقرار الوظيفي من الممارسات النموذجية لتعزيز الروح المعنوية داخل أي مؤسسة. 

3. يشجع الإبداع والابتكار 

يُقاس الإبداع والابتكار في ضوء الوضع الحالي لأي شركة ووضعها المنشود. ويجهز إطار الجدارات المستند إلى رؤى الشركة الموظفين لتولي المسؤولية في وظائفهم واتخاذ القرارات التي تدفع الشركة مباشرة نحو تحقيق رؤيتها. كما يشجع على أمور مثل المخاطرة المحسوبة والتفكير خارج الصندوق لتحقيق نتائج أفضل. 

4. يُحسِّن تخطيط التعاقب 

يصف تخطيط تعاقب الموظفين العملية والاستراتيجيات التي تتبناها المؤسسة لشغل الأدوار القيادية داخلها ولا يكون تغيير التسلسل الهرمي للمسؤولين أو الموظفين سلسًا دائمًا. إلا أن وجود إطار جدارات قوي يجعل نقل أو تعيين موظف في دور قيادي جديد أمرًا أقل صعوبة، سواء للشركة أو الفريق الذي يعمل مع الموظف الجديد. 

الخلاصة 

يعتمد تطوير إطار الجدارات، كما ذكرنا أعلاه،  اعتمادًا جوهريًا على متطلبات الشركة أو المؤسسة حيث إن سد الثغرات بين الحاجة إلى مهارات قيادية متميزة وحقيقة إخفاق العديد من برامج تطوير هذه المهارات يتطلب نهجًا فريدًا للتدريب والتطوير. 

خلاصة القول، لتصميم إطار جدارات فعَّال لتطوير المهارات القيادية الناجحة، ضع في اعتبارك قيم الشركة الأساسية، ونقاط قوة الموظفين، ونضج القيادة، وبعض المهارات الشخصية، والمعرفة الفنية النوعية. ورغم أن هذه العناصر ضرورية لنجاح أي إطار جدارات، إلا أنها عُرضة للتغيير في ضوء تنفيذ إطار الجدارات التفصيلي. 

ضع إطار جداراتك موضع التنفيذ  

هل تريد التأكد من الاستخدام الأمثل لإطار جداراتك وأنك تواصل العمل على تطوير المهارات والمعارف اللازمة لتكون ناجحًا؟ احجز موعد عرض توضيحي مع خبرائنا لإرشادك في خلق الرحلة التدريبية التي تطمح إلى تحقيقها.